شارك هذا الكتاب
أهلاً.. سيادة الرئيس
(0.00)
الوصف
"بغت مصطفى: "على العكس تماماً فبلادنا شاركت في أفلام سينمائية عالمية وحصدت جوائز، ربما نحن مقلون لكننا نقدم الأجود، هناك أكاديميات عريقة تهتم في هذا الشأن وزعيمنا يشجع كل الفنون الراقية ويعتبرها وسائل تثقيفية ترقى بذوق الإنسان، وسأل ابنه محمد: والموسيقى؟ أجاب مؤكداً:...

"بغت مصطفى: "على العكس تماماً فبلادنا شاركت في أفلام سينمائية عالمية وحصدت جوائز، ربما نحن مقلون لكننا نقدم الأجود، هناك أكاديميات عريقة تهتم في هذا الشأن وزعيمنا يشجع كل الفنون الراقية ويعتبرها وسائل تثقيفية ترقى بذوق الإنسان، وسأل ابنه محمد: والموسيقى؟ أجاب مؤكداً: والموسيقى أيضاً إذا كانت هادئة ومعبرة عن قيم إنسانية أو حادثة معينة فيها حقيقة يكتنفها العمق والإحساس فوزارة الإعلام يقودها الآن مجموعة من الشباب المثقفين الواعين ممن خاضوا أغمار الأدب والفنون وعرفوا أهمية هذه الآثار على روح الإنسان وذائقته وهم دائبون على تحديث المسارح القديمة وتأسيس فرق الإنشاد والموسيقى لأغراض تحتاجها الدولة في المواسم والأعياد والمناسبات وتدعم كتاب الفصة وتشجعهم لكتابة السيناريوهات الهادفة التي تحمل في مضامينها القيم الأخلاقية والمبادئ السامية التي تصنع مواطن مثالي حريص على وطنه ودينه، بابا أغمض عينيك للحظة، قالت فاطمة وهي تحمل كيساً خلفها، ثم أخرجت منه كوفية وهي تقول: افتح عينيك سيادة الرئيس، ضحك من روحه وهو يقبلها: ما أروعك يا فاطمة وما أثمن الهدية، إنها تعوضك عن رابطة العنق، شكرها وعيناه تغالبان الدموع: من سعادة المرء أن يجد أولاده قرة عينه في اتجاه نهجه وفكره، ما رأيك بالحلوى يا مصطفى؟ سألته سمية، كل ما تصنعه يديك الطاهرتين جميل وطيب، ثم انتحت بحديثها ناحية أخرى: جاءتني دعوة من رئيسة شؤون المرأة لحضور مؤتمر المرأة العالمي في تركيا السبت القادم بماذا تشير علي عزيزي؟ هل أذهب؟ أم أبعث من تنوب عني؟ على بركة الله، فحضورك مهم جداً وأجد مسألة الحجاب والحرية تحتاج منك إلى طرح موضوعي مقنع خصوصاً بعد تعرض الطالبات المحجبات في بعض الدول إلى مضايقات، كنت سأعد ورقة عمل عن حق المرأة السياسي في الإسلام، الأمر راجع إلى قناعتك في أهمية البحث الذي ستطرحينه وكان هذا اقتراح على أية حال ولك الخيار، واستأذنهم مصطفى معتذراً فوقته ضيق بشكل ضاغط، أنا مضطر أعزائي أن آخذ قسطاً من الراحة لأني مسافر إلى القرية بعد صلاة الصبح، وقفوا فور أن قام من مقعده احتراماً وتأدباً وقبلوه قبل أن ينصرف: تصبح على خير يا أبي، دلفت سمية إلى المطبخ لاستئناف أعمالها المنزلية، هل أساعدك في شيء يا أمي، بادرت فاطمة، لا يا حبيبتي اذهبي لتنامي، كل يومياتهم المعيشية تنم عن الزهد والتقشف، فكلما ارتفع مصطفى رتبه خشي الوقع في الفتنة فاحترز في مأكله وملبسه، آنية المطبخ محسوبة للغرض الذي اقتنيت من أجله دون فائض وتلك حقيقة الأسرة كأنهم مسافرون وهذه محطتهم العابرة لن يمكثوا في الدنيا طويلاً، فالقناعة بالأشياء البسيطة تجعل النفس شاهقة تعلو فوق لذائذها وتعتبرها شأناً هامشياً لا ينبغي أن يمتلك الإنسان ويوجه رغباته بشكل عابث، كان مصطفى يحدث زوجته عن طفولته في القرية وأن بساطة المعيشة كانت سبباً في صفاء قلبه وطهارته عن دنس الدنيا وعشقه لله وأنسه بذكره مما جعله يشعر بأنه أسعد وأغنى الناس وهذه الدرجة لا يصل إليها المرء إلا حينما يلجم شهوات الدنيا بكل أصنافها المغرية كالملبس والزينة والمال والبذخ والإسراف، فالدنيا مزرعة الآخرة وقليلها وكثيرها وحلالها وحرامها ملعونة إلا ما أعان على تقوى الله، وكلما كانت معرفة الإمسان قوية بالله حذر من نعيم الدنيا واتقى شرورها، فنبي الله سليمان عليه السلام رغم ملكه العظيم كان يطعم الناس من لذائذ الأطعمة وهو يأكل خبز الشعير، فكان الملك العظيم امتحاناً وشدة له، فإن الصبر عن لذيذ الأطعمة وأجودها ومتاع الدنيا الوفير يكون أفتك في المجاهدة النفسية والصراع مع الذات حتى لا تتملك هذه النعم قلب الإنسان، ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يطوي أياماً ويشد الحجر على بطنه من شدة الجوع ولهذا سلط الله عليه المحن والبلاء وعلى كل الأنبياء والأولياء ثم الأمثل فالأمثل في درجات العلى حتى يخصهم في الآخرة بالجزاء الأوفر، فعندما يهذب مصطفى زوجه وأولاده على الاعتدال في الطعام والاقتصاد في زخارف الدنيا إنما يفعل ذلك شفقة عليهم وحباً لهم لا بخلاً وتقتيراً، وهو الرئيس القدوة المنظور بعين شعبه والمنتخب بإراداتهم يحرص أن يكون أقلهم في المطعم والملبس ومستوى العيش الزهيد.
اختزل مصطفى بطل هذه الرواية "أهلاً سيادة الرئيس" تجربة الأحرار من قبل فانصقلت شخصيته بثقافة نقية أصيلة جعلته يفهم دوره الإصلاحي في الحياة.
فلا يثور المخلصون من أجل غايات شخصية أو رغبة منهم في المواجهة والتصعيد مع السلطة إنما هم يقلعون أشواك الظلم التي تدمي جسد الأمة ويسقون أرضهم القاحلة بدمائهم الزكية كي يفسحون لشعوبهم فسحة أمل من أجل البناء والإصلاح وتعمير الأرض ويطيبون جراحها كي تعود حياتهم حرة أبية ويعيشون إنسانيتهم، فالرئيس (مصطفى) هو الأمل الذي استشهد من أجله (محمد) والمحصلة النهائية للصراعات والمحن.
وكما افترضت المؤلفة في روايتها السابعة "عندما يفكر الرجل" نموذج للبطل الثائر، افترضت الآن نموذج للرئيس المصلح الذي نبت مع قمح الحقول وورد الأقحوان نقاوة وبساطة واقتراحته الصورة الكاملة بكل معطياتها ونموذجاً مثالياً لا يتأتى من فراغ أو محض صدفة إنما هو وليد عوامل تربوية، ذاتية وبيئية اجتمعت كلها فكونت خصائص الكاملة.
فجاء مصطفى خادماً لشعبه المنهك بالاستعمار يفسر أحلام الأنبياء على أرض الواقع لا رئيساً يحكمها استبداداً وعنفاً ويسخر المحكومين لتنفيذ مآربه الشخصية، وقد تركت طائر خيالها يحلق في منابع المعرفة الجمة ومصادر المعلومات ليقطف منها مشاهد ومواقف وأمكنة تخدم مضمون الرواية وتؤلف بين مشاهدها بتناغم لتضفي عليها جواً من المصداقية والموضوعية.

التفاصيل

 

سنة النشر: 2009
اللغة: عربي
عدد الصفحات: 330
عدد الأجزاء: 1
الغلاف: Paperback
الحجم: 14x21

 

فئات ذات صلة

التقييم والمراجعات
0.00/5
معدل التقييم
0 مراجعة/ات & 0 تقييم/ات
5
0
4
0
3
0
2
0
1
0

قيّم هذا الكتاب




هل استخدمت هذا المنتج من قبل؟

مراجعات الزبائن

لا توجد أي مراجعات بعد

متوفر

يشحن في غضون

المصدر:

Lebanon

الكمية:
تعرف على العروض الجديدة واحصل على المزيد من
الصفقات من خلال الانضمام إلى النشرة الإخبارية لدينا!
ابقوا متابعين