لأَثَرَيّ عليِّ بنِ ربَّن الطبريِّ الردُّ على النصارى والدينُ والدولةُ في إثبات نبوّة محمّد صلى الله عليه وسلم أهمّيّةٌ خاصّةٌ، إذ هما أوّلُ إنتاجٍ وصلَ إلينا في الجدل الإسلاميّ المسيحيّ من وضعٍ نصرانيٍّ نسطوريٍّ أسلَمَ، ومثَّلَ بكتاباته مرحلةٌ مهمّةٌ من المراحل المبكّرة التي مرَّ بها الفكرُ الإسلاميُّ في صلته بالمسيحيّة.
وقد أظهرَ في هذّينِ الكتابَينِ تمكُّناً من الجدل والتأريخ للمُعتقدات ومعرفةٌ بلغاتِ الكتب المقدَّسة كالسريانيَّة والآراميَّة والعبريَّة واليونانيَّة، ممّا جعلَ من كتابَيهِ في علم الأديان المُقارن مرجعَينِ أساسيَّينِ لكلِّ من حاولَ فهمَ النصوص التورانيَّة والإنجيليَّة من علماء المسلمينَ، مَن فسَّرَ منهُم القرآنَ الكريم كالفخر الرازيِّ وابن ظفرٍ الصقلِّيِّ، ومن ألَّفَ في الجدل الإسلاميِّ المسيحيَّ، من بداية القرن الثالث الهجريّ إلى نهاية القرن الثامن، كالعامريِّ والقاضي عبد الجبّارِ الهمذانيِّ وابنِ تيميَّة.
وحَظِيَتْ أَعمالُ الطبريِّ بإهتمامٍ كبيرٍ لدى طائفةٍ من الباحثينَ في العصر الحديث، ولا سيَّما المستشرقونَ منهم، إلّا أنَّها لم تكُن محظوظةً في الدرس العربيِّ المقارن للأديان، ومن هنا تأتي أهمِّيةُ نشرتنا لكتابَي الطبريِّ التي تصدَّرَتْها دراسةٌ مستفيضةٌ (فكريَّةٌ وتقنيَّةٌ) للمخطوطات والنشرات السابقة وعرضٌ نقديٌّ لكلِّ الدراسات الأعجميَّة عن عليِّ بنِ ربَّن الطبريِّ وكتابَيهِ، وقراءةٌ دقيقةٌ ومتفحّصةٌ للكتابَينِ يتتبُّع تأثيراتهما في جداليّات المسلمينَ اللاحقة المطبوعة والمخطوطة.
Share message here, إقرأ المزيد
الجدل الإسلامي المسيحي في القرن الثالث الهجري