كتاب "إسرائيل ولفنسون" الذي بين يدينا مهمٌ جداً، فقد كُتب في فترة من الزمن لم تكن الدراسات العربية قد اقتحمت هذا الموضوع بدراسة تحقيبية مثل هذه، وقد تهيّأت للموضوع بلغات متعدّدة عربية وعبرية وألمانية وإنجليزية وفرنسية.
وتتميّز هذه الأطروحة، التي أشرف عليها الدكتور "طه حسين" في الثلث الأول من القرن العشرين، بتوسلها الأصيل بالروايات والمتون كمادة أولية للإستشكال والبناء، فكانت القراءة المباشرة للنصوص وملابساتها التي أحاطت بها خير مُعين للباحث على الخروج بنتائج متماسكة أحياناً، أو فيها شيء من التماسك عند النظرة الأولى.
ثم اعتمد الباحث الكتابات الإستشراقية وتحقيباتها الأثرية في إكمال رسم الصورة التي يُجَلي فيها التاريخ اليهودي محل الدراسة، ولكن "إسرائيل ولفنسون" لم يكن أسيرَ النظر الإستشراقي والدراسات الحديثة في وقتها، بل كان قارئاً ناقداً وممحِّصاً متمهِّلاً للروايات والأحكام، وإن تتلمذ عليهم.