إنّ من أحسن كتب التاريخ وأوثقها لقدم عهده كتاب التاريخ الذي ألفه حمزة ابن الحسن الأصفهاني من أعاظم علماء التاريخ والأدب الذي عاش في النصف الأول من القرن الرّابع للهجرة، لما فيه من الفوائد الجمة وخصوصاً فيما يتعلّق بتواريخ الأمم القديمة الشرقية والغربيّة وسماه "كتاب تاريخ سني ملوك الأرض والأنبياء".
كان أبو عبد الله حمزة بن الحسن من أهل أصفهان وكان والده مؤدباً في تلك البلدة، ولد حمزة نحو السنة 270 من الهجرة أو قبل بقليل لأنه كان يتذكر في شيخوخته حادثة عظيمة وقعت في أصفهان سنة 291 وهي أن الغلّات سابقت الحصاد فأصابها صرّ ذهب بها كلّها فحصدت خاوية لا حبّ فيها.
وكان تلمذ لعبدان الجواليقي المتوفى سنة 306 ورحل حمزة إلى بغداد مرّات فكان سنة 308 فيها حيث لقي على ما يحكيه بنفسه أحداً من علماء اليهود المتبحر في تاريخ قومه، وكان سنة 323 في تلك البلدة للمرّة الثالثة.
ولكنه كان أيضاً في تلك السنة نفسها وبدء السنة التالية في مسقط رأسه أصفهان حيث شهد المجاعة العظيمة فيها، وعاش على ما يظهر آخر أيام حياته في أصفهان وكان بها سنة 350 وتوفي قبل السنة 360.
ألّف حمزة هذا الكتاب على ما يظهر من خلال كلامه في عدّة مواضع من الكتاب في سنة 350 وله مؤلفات أخرى لم يبق لنا منها إلا اثنان وهما "كتاب كبار البشر" و"كتاب الأمثال على أفعل".