لعل شأن المثقف العراقي طوال تاريخه كان كذلك، مجرد فرد متروك فوق سطح عمارة، يصيح بشكل يزعج الجميع، وما كان بمقدوره أن يتحوّل إلى عنصر إجتماعي شرس، مخيف، وفاعل.
صحيح أنّ بعض المثقفين اتجهوا إلى الحركات الفوضوية والشعبوية، ودعوا إلى "نسف العالم القديم بالقنابل" كما عنون فاضل العزاوي واحدة من أشهر قصائده وصحيح أنّ بعضهم حمل السلاح كما جرى مع بعض الستينيين الذين انتموا إلى الأجنحة اليسارية المتطرفة، لكن مع ذلك، بقي غالبيتهم فوق العمارة، "يصرخون" بطريقة مزعجة مثل سنتوريون، في وقت ذهب بعضهم بإرادتهم أو رغم أنوفهم إلى بستان السلطة ليكونوا حراساً لها.
يدلنا هذا الكتاب على الأثر الأكبر لجذور تشكل الخطاب الثقافي في العراق ابتداءً من أربعينيات القرن الماضي وحتى مرحلة الثمانينيات، حيث خلقت موجهات الأيديولوجيا، خلال هذا الزمن وما بعده، جحيماً للمثقفين يصطلون به.
إنها دراسة نقدية لافتة، يعيد بها الأخرس قراءة جزء كبير من تاريخ الخطاب الثقافي العراقي، برؤية ثقافية فاحصة، مكملاً مشواره في فحص تاريخ الثقافة العراقية، على وفق مناهج القراءة الحديثة.
Share message here, إقرأ المزيد
جحيم المثقف : الثقافة والأيديولوجيا في العراق